التعليم والمجتمع
الأديان وتحدّيات مسألة كورونا..مقاربة في ضوء النصوص الدينيّة
د. حيدر حبّ الله
طرح موضوع وباء كورونا على الفكر الديني أسئلة وتساؤلات، ويمكن أن ترجع أهمّ الإثارات هنا إلى محورين:
المحور الأوّل: محور لاهوتي عقائدي فلسفي، وغالباً ما يدور حول علاقة الله بالشرور أو الآلام التي تواجه البشر، فقد أثار العديد من المفكّرين المعاصرين قضية الشرّ مجدّداً عقب ظهور هذا الوباء.
المحور الثاني: محور سلوكي عملي يتصل بموقف الأديان ونهج تعاملها مع قضايا الجسد الإنساني وحماية الحياة الإنسانية الماديّة على الأرض، فهل للأديان موقف سلبي من الجسد حتى توجّه أبناءها نحو إهمال مخاطر الصحّة والسلامة العامّة أو أنّ العكس هو الصحيح؟
لن يتسنّى لي في هذه المساحة المختصرة معالجة الموضوعين بإسهاب، لكنّني سأحاول رصد بعض المعالم الدينيّة فيهما ليس انطلاقاً من زاوية فلسفيّة محضة، بل من زاوية دينية.
أوّلاً: البعد اللاهوتي العقدي لفكرة الآلام والمعاناة
في الجانب الأوّل، تستوقفنا مجموعة من المفاهيم الدينيّة التي تضع أمامنا عدّة قواعد في بناء الحياة على الأرض أهمّها:
قاعدة تأثير السلوك الإنساني على سلميّة العلاقة مع الطبيعة، هذه القاعدة تؤكّد دينيّاً أنّ الإنسان يتحمّل ـ على الأقلّ ـ جزءاً من المخاطر والكوارث التي تحصل في الطبيعة. ولا يقف ذلك عند حدود تخريب الإنسان للطبيعة بسبب طغيانه وطمعه وتغوّله مادياً وسلطويّاً، وهو ما تواجهه اليوم مشكورةً المنظّمات البيئيّة الناشطة في العالم، بل يتخطّى ذلك نحو ارتباط الأمر بعلاقة الإنسان بالله وبأخيه الإنسان أيضاً، فالنصّ القرآني كثيراً ما يربط سلوكيّات البشر وأخلاقيّاتهم بالعذاب النازل عليهم أو بالفساد الواقع في الأرض، ومن ثم فهو ينشؤ ارتباطاً وثيقاً بين سلوكنا نحن البشر في الخطيئة وبين ردّات فعل الطبيعة تجاهنا فيما تمثله من قضاء إلهيّ يتصل بالبشر عذاباً أو امتحاناً أو عقاباً نازلاً.