من الحرب في أوكرانيا إلى التحول في مجال الطاقة.. البحث عن توازن جديد في سوق النفط

إنَّ سوق النفط العالمي آخذ في التغير. إذ تتفاقم العواقب الملحوظة في التحول في مجال الطاقة تدريجياً من خلال سلسلة من الأحداث الاقتصادية والجيوسياسية المتمثلة في جائحة كوفيد -19، يليها الانتعاش الاقتصادي السريع، والحرب في أوكرانيا، والآن، الركود الاقتصادي العالمي المتوقع. ومحاولة العالم لإيجاد توازن جديد. عودة الجغرافيا السياسية إلى الصدارة.

إنَّ العديد من القضايا التي أصبحت واضحة في أزمة الطاقة عام 2022 -بما في ذلك سوق النفط المحدود، ونقص الاستثمارات والتطورات الجيوسياسية- متأصلة في اتجاهات طويلة الأمد. تهدف هذه الورقة إلى تسليط الضوء على بعض القضايا الهيكلية التي ساهمت في الأزمة الحالية، فضلاً عن النظرة المستقبلية لبعض الاتجاهات المهمة في سوق النفط حتى عام 2050.

في العامين أو الثلاثة أعوام القادمة، تعمل حزمة العقوبات السادسة التي وضعها الاتحاد الأوروبي على روسيا، مع مقاطعة نفطية بحرية ملحوظة، على تعزيز التقلبات الموجودة مسبقاً في سوق العالمية. بينما تبحث روسيا عن أسواق طاقة جديدة والاتحاد الأوروبي عن منتجين بديلين للوقود الأحفوري، يتم إعادة رسم خريطة النفط العالمية. إذ سيتم تغيير طرق التجارة وسيعاد توجيه النفط المباع تقليدياً إلى المستهلكين الآسيويين أو الأفارقة إلى أوروبا. ويتعين أيضاً على النفط الروسي الذي تم تصديره تقليدياً إلى أوروبا أن يجد أسواقاً جديدة، ومن المتوقع أن يصدر نحو الصين والهند. وبالتالي، السؤال الذي يطرح الآن، هل سينقسم عالم الطاقة الجديد إلى منطقتين، واحدة تهيمن عليها الولايات المتحدة والأخرى تهيمن عليها منظمة البلدان المصدرة للنفط (بما في ذلك روسيا) (أوبك بلص)؟ هل تستطيع أوبك بلص الحفاظ على هيمنتها في سوق النفط العالمية واستقرار الأسعار؟ هل تبرز الولايات المتحدة كقوة عظمى رئيسة في مجال الطاقة؟

إنَّ سياسات إزالة الكربون لها تأثير كبير على صناعة وأسواق النفط .قد تأتي ذروة استهلاك النفط العالمي في أواخر عام 2020، لكن من غير المؤكد مدى السرعة التي سينخفض بها بعد ذلك. تكابد الدول الأوروبية لإيجاد توازن الأهداف المناخية وأمن الطاقة، لا سيما وأنَّ الحرب في أوكرانيا تجبر الحكومات على العودة إلى استخدام الفحم في الوقت الحالي. هناك حاجة لاتخاذ إجراءات حاسمة وعاجلة من أجل تحول منظم في مجال الطاقة، لكن التطورات الحالية للطاقة تشير إلى الانعزالية والقومية وبالتالي خروج أكثر فوضوية للوقود الأحفوري من نظام الطاقة.