التعليم والمجتمع
واقع التعليم في العراق بعد انحسار جائحة كورونا
د. حميد نعمة الصالحي
يُعدُّ التعليم القوة المهمة لتقدم وتطور المجتمعات، وكلما تقدم مستوى التعليم في دولة ما تقدمت وارتقت، فهو ركيزة أساسية تستند إليها الدولة في نهضتها، وعند الحديث عن نظام التعليم في العراق فإن من المهم معرفة المراحل التاريخية التي مر بها ليتسنى لنا المقارنة بين هذه المراحل والوقوف على واقع التعليم الحالي في العراق، فقد تأثر النظام التعليمي في العراق بالحروب ومراحل الاحتلال التي تعرض لها، وواجه مجموعة من التحديات الأمر الذي جعله نظاماً تعليمياً بطيئاً ومليئاً بالمشاكل التي تحتاج إلى حلول، لذا سيتم تناول الموضوع على وفق الفقرات التالية:
أولاً: نظام التعليم في العراق أثناء مرحلة الحكم العثماني
كان العراق وكما يسميه البعض آنذاك بلاد الرافدين غنياً بكل مجالات الحياة الأمر الذي جعله محط أنظار الدول المتنافسة، فأصبح تحت الحكم العثماني (بدءاً من 1638-1917)، إلّا أن هذا الحكم جعل العراق في تفاقم للمصاعب والأزمات نتيجةً لسوء الإدارة وطمع الولاة العثمانيين، الأمر الذي قاد إلى تفشي الفقر والجهل(1)، فقد كان في العراق نوعان من التعليم نوع ذا طابع ديني فيه هو المتغلب والمتمثل في (الكتاتيب والمدارس العلمية) في الجوامع والمساجد، والنوع الآخر هو التعليم الأجنبي، المتمثل في الإرساليات التبشيرية والجاليات الأجنبية، فبالنسبة للكتاتيب انتشرت في أنحاء مختلفة من الألوية العراقية، انتشاراً كبيراً ومما ساعد على ذلك أن الدولة العثمانية لم تكن، في البداية تعد الخدمات التعليمية من اختصاصها وإنما من اختصاص الأفراد والجماعات، فكان التعليم في تلك المؤسسات مجانياً، إلا أن الآباء عادة كانوا يسهمون في تقديم بعض الأموال إلى المعلمين (المُلّا) الذين يعلمون الأطفال القرآن الكريم، والكتابة والحساب، أمّا الإرساليات التبشيرية والجاليات الأجنبية ، فقد قامت العديد من الدول الأجنبية، ومنها فرنسا وبريطانيا، بإنشاء العديد من المدارس على النهج الفرنسي أو البريطاني، كما أوفدت الدول الأجنبية إلى العراق والدول العربية العديد من الإرساليات التبشيرية الكاثوليكية، وبذلك نشأ التعليم الأجنبي في العراق(2).
في الواقع أن المطامع التي غلبت على الولاة آنذاك دفعت كلّاً منهم لتأسيس مدرسة متبعين سياسة (فرق تسد) فكل مدرسة تشير إلى طائفة معينة، وفي الوقت نفسه مورست محاولة لطمس معالم اللغة العربية ولولا مدارس النجف الأشرف وكربلاء وسامراء التي عملت على ترسيخ اللغة العربية لتم القضاء على اللغة العربية (3)، تلك هي حالة التعليم في العراق تحت الاحتلال العثماني الذي انتهى على هـذه الصورة على إثر اندحار القوات العثمانية أمام قوات الحلفاء في الحرب العالمية الأولى عـام 1917.