السياسة
صراع الهوية جوهر الإنتخابات التركية
أحمد حسن علي
شهدت تركيا واحدةً من أهم انتخاباتها النيابية التي تزامنت مع الذكرى السنوية المِائة لقيام الجمهورية، وتُعدُّ الانتخابات وإنْ بدت في ظاهرها اقتصادية معيشية، لكنها في الحقيقة صراع على الهوية بين عدة أطراف، أحدهم يريد إبقاء تركيا علمانية وقومية والآخر يسعى للتغيير.
وبنظرة عامة على توزيع مقاعد مجلس النواب التركي في انتخابات 2023 المكوَّن من 600 مقعد نيابي، حصل تحالف الجمهور المكوَّن من ثلاثة أحزاب على 323 مقعداً (العدالة والتنمية 268، الحركة القومية 50، الرفاه مجدداً 5)، وحصل تحالف الأمة على 212 مقعداً (الشعب الجمهوري 169، الجيد 43)، فيما فاز تحالف العمل والحرية بـ 65 مقعداً (اليسار الأخضر- الشعوب الديمقراطي سابقاً 61، العمال التركي 4).
وتعكس هذه البيانات التوجه الفكري الاجتماعي العقائدي والقومي لفئات الشعب التركي حيث شارك 88% ممن يحق لهم التصويت في الانتخابات لاختيار رئيس الجمهورية ونواب المجلس. وإذا ما نظرنا لتوزيع المجلس النيابي لاحظنا الاستقطاب الاجتماعي الحاد داخل المجتمع التركي.
ووفق النتائج التي أعلنها المجلس الأعلى للانتخابات التركية، فقد فاز حزب العدالة والتنمية الذي يعدُّ من أحزاب يمين الوسط المحافظ بـ (268) مقعداً ما يمثل (44.7%) من عدد الأصوات الإجمالي. وإذا أضفنا إليها نسبة (0.8%) المقاعد الخمسة لأصوات حزب الرفاه مجدداً الإسلامي الذي يرأسه فاتح أربكان نجل نجم الدين أربكان، تكون نسبة (45.5%) من الأصوات الكلية للناخبين التي تؤيد التوجه الإسلامي المعتدل لمستقبل تركيا.
ليس من الضروري أن يكون جميع ناخبي العدالة والتنمية من الفئات ذات التوجه الإسلامي إلا أنه يمكن القول إنَّ جميع ناخبي حزب العدالة والتنمية وجماهير الرئيس أردوغان، هم من تيار يمين الوسط ما بين فئات إسلامية ومحافظة، وهؤلاء الناخبون على معرفة تامة بتوجه الرئيس أردوغان نحو تغيير الدستور التركي وإضافة بنود ذات طابع إسلامي أو محافظ.
أمّا حزب الشعب الجمهوري فهو من أحزاب يسار الوسط الذي فاز بـ (169) مقعداً نيابي ليشكل (28.2%) من الأصوات الكلية. ويمثل الشعب الجمهوري بطروحاته العلمانية المتطرفة وعدائه للدين والمهاجرين واللاجئين، توجهَ ناخبيه الرافضين لتطلعات الرئيس أردوغان وحزبه الإسلامي المحافظ.