السياسة الاقليمية والدولية

الشَّعبوية السياسية وظروفها التاريخية والاجتماعية

أحمد موثّقي
إنَّ الشَّعبوية، وخاصّة في بُعدها السياسي، قد تحوَّلت اليوم إلى ظاهرةٍ عالمية في الشّمال والجنوب، وفي الوقت نفسه لها موقف مناوئ لمسار العَولَمة، إذ أنها تعمل على ذلك فعلاً. لقد انتهجت الشَّعبويةُ في دول الشمال، وعلى وجه التحديد في أوربا وأمريكا، نهجاً محافظاً، ومُزِجَت بالقومية لدى تيّار اليمين المتطرّف، ولها مواقف مناهضة لِلعَولَمة لتمثلاتها الإقليمية، وتناهض كذلك الدعوة إلى فتح الحدود ودخول المهاجرين. من النماذج البارزة لهذا الاتجاه في الشمال هو خروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي وبروز ظاهرة ترامب في الولايات المتحدة، وكذلك أحزاب اليمين المتطرف والفاشية في ألمانيا وإيطاليا وفرنسا والنمسا وهولندا وغيرها من الدول. لا تعمل الشَّعبوية في دول الشّمال ضدّ الديمقراطية والتنمية، لأنَّ الدول الغربية المتقدّمة كانت لها انتقالة ناجحة نحو التنمية والديمقراطية، إذ ترسَّخت لديها كلُّ هذه الأمور، حيث يوجَد الاستقرار السياسي والاقتصادي ودولة القانون والنشاط الحر للأحزاب ووسائل الاعلام ومؤسسات المجتمع المدني والقطّاع الخاص. بيد أنَّ التطورات الحديثة الناتجة عن التطور التكنولوجي وتوسّع القطّاع الخدمي ودخول هذه الدول إلى عصر ما بعد الصناعة وما بعد الحداثة وما بعد المادية، وعصر المعلومات، وكذلك المآلات السلبيّة الناجمة عن العولَمة في دول الجنوب، ولاسيّما في الشَّرق الأوسط وشمال إفريقيا، وبروز النزاعات الإقليمية وتفشّي ظاهرة السَّلَفية والتيارات الأصولية الدينية التي تسببت بتدفق المهاجرين واللاجئين إلى أوربا وأمريكا، قد أسفر عن كلّ ذلك ردود أفعال محافِظة وشعبَوية ضدّ التطورات الجديدة وكذلك مسألة اللاجئين، وعلى وجه الخصوص ضدّ الإسلام والمسلمين. فضلاً على ذلك إنَّ العولَمة الاقتصادية والحركة الدولية لرأس المال، قد أربك التوازن التجاري بين دول الشمال، مما دفع ببعض الفئات والمجموعات والطبقات الاجتماعية والدول التي تمثلها إلى أن تكون لها مواقف مساندة لشركائهم التجاريين، وهذا ما أدّى إلى تأجيج الحرب التجارية بين أمريكا وأوروبا من جانب، ومع كندا والمكسيك والصين واليابان من جانبٍ آخر.

لقراءة المزيد اضغط هنا

الوسوم

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق