التعليم والمجتمع
ظاهرة التسريب في ضوء الشريعة الإسلامية
الشيخ أ.د عبد الإله نعمة الشبيب
مقدمة البحث
ما من إنسان غير معصوم إلّا ويمر في حالات ضعف، وتختلف حالات الضعف هذه بين شخص وآخر، وأخطر حالات الضعف هذه عندما يكون الشخص في حالة اختبار بقضايا خطيرة، فيضعف غالباً عند اختباره بأبنائه ويضعف عند اختباره بأمواله، وقد يضعف في غيرهما فيصدر منه ما لا ينبغي أو لا يجوز أن يصدر، وللشريعة موقف من هذه الحالات وهو المداراة والمراعاة فاعتمدت أن لا تُرتِّب الأثر على بعض الحالات منها، وهذا البحث يريد أن يضع اليد على هذه الحالات ودراستها ليخرج بنظرية تبعث على القوة والنشاط والنباهة.
إن عصر التكنولوجيا والعناصر الفنية الملتوية فيه تحاول أن تحسب أنفاس الإنسان فضلاً عن أن تحسب حالات الضعف عنده، بل راحت تصنِّع حالاتِ ضعف وتنسبها إليه لعلَّها تُطيح به إذا كان في تلك الإطاحة مغنم ومرمى، ومن هنا تظهر أهمية البحث الموسوم بـــ (ظاهرة التسريب في ضوء الشريعة الإسلامية). وأما الهدف من هذه الدراسة فهو للوقوف أمام أخطار هذه الممارسة إن كانت صادقة أو كانت مصنعة (مفبركة)، وللوقوف أمام مؤالفتها ومؤالفة الأكاذيب والافتراءات التي تتضمنها على حساب التاريخ، بل على حساب كرامات الأبرياء المستهدفين بها، ولأجل أن لا تكون من الأمور الطبيعية التي تدعو إليها مصالح العباد والبلاد، ولأجل أن لا تضيع المعايير والموازين التي بها يعرف الصادق من الكاذب المتقوِّل. ولا أدري بحدود اطلاعي القاصر من هو الذي تَناول هذه الظاهرة الخبيثة في أغلب وجوهها بالدراسة والبحث المستقل، فلعلَّ بحثنا لها هذا يعدُّ جديداً، وأما المنهج الذي نعتمده في بحثها فهو المنهج التحليلي الذي يتحرّى بحث الظاهرة بحثاً شاملاً يستوعب كل أطرافها وشؤونها وبشكل ينفذ فيه إلى زواياها لاكتشاف الخبايا العلمية فيها. وأما مشكلة البحث فهي في إمكانية السيطرة عليها ووضع الآليات المناسبة للحيلولة دونها إن كانت في جانبها السلبي، وقد يُفترض للوصول إلى علاج هذه المشكلة أن يطرح البحث سؤالين هما:
السؤال الأول: هل إن تكنولوجيا المعلومات تقدم حلاً لها؟
السؤال الثاني: هل إن مناهج الأخلاق والرؤية الدينية قادرة على إتلافها والقضاء عليها؟