التعليم والمجتمع
الأخلاق البيئية كوحدة قياس لثقافة الشعوب المتحضرة
أ.د. عبد الجليل كاظم الوالي
يُعدُّ مفهوم البيئة واحداً من المفاهيم الأخلاقية التي ناقشها مفكرو اليونان منذ القدم، إذ إنَّ أفلاطون 427-347 ق. م في كتابه القوانين، طالب كلَّ من يُحدث تغييراً في البيئة بأنْ يصلح ما خرّبه، فمن يلوث الماء، عليه أن يصلح البئر ويعوض الناس أضرارهم.
والدارس لفلسفة أرسطو ( 348-322 ق.م ) يدرك أنه قد قسم المفاهيم الفلسفية حسب موضوعاتها فهناك المفاهيم المنطقية كالجوهر والعَرَض، والمفاهيم الأخلاقية كالفضيلة والرذيلة، والمفاهيم الطبيعية ومن بينها الطبيعة والكون والفساد والبيئة، وعليه فإنَّ مفهوم البيئة قد ورد ضمن المفاهيم الطبيعية، ووَفقاً لذلك فقد قسم أرسطو طبائع المجتمعات البشرية على ضوء البيئات التي يحيون فيها، إذ ذكر بأنَّ سكان المناطق الباردة يتميزون بالجرأة والشجاعة ولكن تنقصهم الخبرة، بينما سكان سهول آسيا فإنهم أكثر خبرة ومهارة ولكنهم أقلُّ شجاعة، وأمّا اليونان فهم أمّة وسط جمعوا بين مميزات المجموعات الأوربية والأسيوية.
أما الأخلاق البيئية فهي فرع جديد ومعاصر وله مقولاته الخاصة التي تميزه عن باقي الفروع الاجتماعية الأخرى، وتعد وحدة المصير واحدة من مقولاته الأساسية، إذ تعني بأن كل الموجودات الطبيعية تشكل وحدة وجود واحدة، وعلى الرغم من أنَّ لكل منها قوانينه الخاصة، إلّا أنها يتأثر بعضها بالبعض الأخر. وخير دليل على ذلك ما يصيب الحيوانات والطيور والنباتات من أمراض فإنها تنتقل إلى الإنسان مباشرة أو إلى الكائنات الأخرى. وعلى الإنسان باعتباره الكائن العاقل في هذا الكون أن يدرك أهمية هذه الموجودات ودورها في الحفاظ على التوازن الطبيعي، ومن هنا تنشأ الأخلاق البيئية.