قراءة في كتاب
قراءة في كتاب: من الذي دفع للزمار- الحرب الباردة الثَّقافية لمؤلفه فرانسيس ستونر سوندرز
د. عبد الخالق كاظم إبراهيم
تتجلى أهمية كتاب: «من الذي دفع للزمَّار- الحرب الباردة الثَّقافية» لمؤلفته: فرانسيس ستونر سوندرز من جانبين مترابطين: يتمثل الأول بالجانب التوثيقي والسردي للوقائع والأحداث، وساعدها في ذلك خبرتها في عالم التوثيق، إذ اعتمدت مؤلفته على أسرار مهمة ووثائق شديدة الخطورة لم تكشف من قبل، تتعلق بعمل وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، وكذلك اعتمادها على حوارات شخصية وقائمة كبيرة من المراجع والمقابلات التي أجرتها مع أفراد متورطة أو على علاقة بمرحلة الحرب الباردة والتي كانت بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي (1945 – 1992م). أما الجانب الثاني فهو الجانب التحليلي والنقدي، وقيامها بالتحليل العميق للحركة الثَّقافية والفنية لتوظيف الـ «C.I.A» لعملائها في هذه التحركات والتجمعات، والكشف عن اختراقها لعدد كبير من الكتّاب والمفكرين في أوروبا وأنحاء أخرى من العالم، وتلاعبها بمقومات الحياة الثَّقافية والفنية العالمية. وتحاول تعرية وفضح الدور الخطير الذي لعبته تلك الوكالة أثناء الحرب الباردة لمواجهة الشيوعية في عالم الفنون والآداب وشتى أنواع الثَّقافة؛ في محاولة منها لإماطة اللثام عن الأسرار التي تقف خلف المواقف والتحولات في مسارات عالم الثَّقافة التي لا يعرف أسبابها الكثير من المثقفين؛ كونها تم صياغتها بدقة متناهية في محاولة لتمريرها وقبولها دون اعتراض من الآخرين. وهو من الكتب الشاهدة على العصر، ومن أشمل الكتب التي تكشف العالم الخفي لتسييس الثَّقافة والفن والأدب خلال الحرب الباردة «الثَّقافية».